الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***
15- 1612- مالك عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى من كان عنده علم من الدية أن يخبرني فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فقال له عمر بن الخطاب ادخل الخباء حتى آتيك فلما نزل عمر بن الخطاب أخبره الضحاك فقضى بذلك عمر بن الخطاب قال بن شهاب وكان قتل أشيم خطأ قال أبو عمر هكذا روى مالك هذا الحديث عن بن شهاب أن عمر لم يتجاوز به بن شهاب ورواه سائر رواه بن شهاب عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر كذلك رواه معمر وبن جريج ويحيى بن سعيد وبن عيينة ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال ما أرى الدية إلا للعصبة لأنهم يعقلون عنه فهل سمع أحد منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا فقال الضحاك بن سفيان الكلابي وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الأعراب كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فأخذ بذلك عمر قال عبد الرزاق. وأخبرنا بن جريج عن بن شهاب عن بن المسيب عن عمر مثله وزاد وقتل أشيم خطأ أخبرنا سعيد قال حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني أبو بكر قال حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال قام عمر بمنى فسأل الناس من عنده علم من ميراث المرأة من عقل زوجها فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال أدخل بيتك حتى آتيك فدخل فأتاه فقال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها وقال أبو بكر أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن سعيد أن عمر كان يقول الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها. قال أبو عمر أخطأ من قال عن بن عيينة في هذا الحديث حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان فجعل الضحاك هو الذي كتب إلى عمر ووهم وهما بينا لأن عمر شافهة الضحاك بذلك في بيته أو في خبائه بمنى فذلك بين أوردناه من رواية من ذكرنا وإنما الضحاك قال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه الحميدي وبن أبي عمر وجماعة عن بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال كان عمر بن الخطاب يقول الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان قال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع عمر ولا أعلم خلافا بين العلماء قديما ولا حديثا بعد قول عمر الذي انصرف عنه إلى ما بلغه من السنة المذكورة في أن المرأة ترث من دية زوجها كميراثها من سائر ماله وكذلك سائر الورثة ذووا فرض كانوا أو عصبة إلا شيء روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن شذ فيه عن الجماعة ولا أدري عن من أخذه إلا إن كان بلغه قول عمر ولم يبلغه رجوعه عن ذلك إلى السنة وأظن عليا رضي الله عنه لم يرد بقوله قد ظلم من لم يورث الإخوة للأم من الدية ولم يورث الإخوة للأم من الدية إلا علي -والله أعلم- لأن الرواية لم تأت في ذلك إلا عن عمر وروى الثقات الأئمة رجوعه عن ذلك إلى ما أخبره الضحاك بن سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أنه كان لا يورث الأخوة للأم من الدية قال أبو عمر هذا مثل شذوذه في قوله إن الجنب المتيمم إذا وجد الماء ليس عليه غسل وهذا أيضا لم يقله أحد غيره فيما علمت فرحم الله القائل كان أبو سلمة يماري بن عباس فحرم بذلك علما كثيرا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة منها مراسيل ومسندة أنه قال الدية لمن أحرز الميراث والدية سبيلها سبيل الميراث اتفق على ذلك العلماء وجماعة أئمة الفتوى بالأمصار فلا معنى فيه للإكثار وقد شذ عنهم من المتأخرين من أصحاب الظاهر من لم يستحي من خلاف جماعتهم فهو محجوج بهم ولا يلتفت إليه معهم وذكر ما رواه معلى عن هشيم عن منصور بن زاذان عن الحسن عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول لا يرث الإخوة من الأم ولا الزوج ولا الزوجة من الدية شيئا وهذا خبر منكر منقطع لا يصح عن علي رضي الله عنه وقد ذكر أبو بكر بن أبي شيبة والحميدي وبن أبي عمر قالوا حدثني بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن محمد بن علي قال قال علي قد ظلم من لم يورث الإخوة للأم من الدية وروي ذلك عن علي رضي الله عنه من وجوه فبعضهم يرويه في حديث علي هذا قد ظلم من منع بني الأم نصيبهم من الدية وقد روي في حديث المرأتين التي قتلت إحداهما صاحبتها أن ميراثها لزوجها وولدها والعقل على عصبتها وقال الشعبي قد ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزوج والزوجة من الدية وقال وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يورث الإخوة من الأم من الدية قال أبو عمر انعقد الإجماع بذلك على هذا والحمد لله كثيرا والآثار في ذلك عن التابعين كثيرة وفي ما أخبرنا به كفاية. 1613- مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رجلا من بني مدلج يقال له قتادة حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنزي في جرحه فمات فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال له عمر اعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك فلما قدم إليه عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ثم قال أين أخو المقتول قال ها أنذا قال خذها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس لقاتل شيء قال أبو عمر هذا الحديث مشهور عند العلماء مروي من وجوه شتى إلا أن بعضهم يقول فيه قتادة المدلجي كما قال مالك ويحيى بن سعيد ومنهم من يقول فيه عرفجة المدلجي والأكثر يقولون قتادة وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ومنهم من يجعل قتله لابنه عمدا ويجعل الدية في ماله ومنهم من قال هو شبه العمد ولذلك جعل عمر فيه الدية مغلظة ورواه بعضهم عن عمرو بن شعيب بمثل معنى رواية مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب سواء إلا أنهم قالوا بعد قوله وأربعين خلفة ثم دعا أم المقتول وأخاه فدفعها إليهما ثم قال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يرث القاتل شيئا ممن قتل واختلف القائلون بأنه شبه عمد على من تجب الدية مغلظة فيه فقال بعضهم في مال الجاني وقال بعضهم على عاقلته وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب. وأما من جعل قتل المدلجي لابنه خطأ فقد أعقل لأن الدية لا تغلظ على أحد في الخطأ ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سليمان بن يسار أن رجلا من بني مدلج قتل ابنه فلم يقده عمر بن الخطاب وأغرمه ديته ولم يورثه منه شيئا وورث منه أمه وأخاه لأبيه قال أبو عمر هذا أصح إسناد في هذا الخبر وقد اختلف الفقهاء في قتل الرجل ابنه عمدا هل يقتص منه أم لا فقال مالك إذا ذبحه قتل به وإن خذفه بسيف أو عصا لم يقتل به وكذلك الجد وهو قول عثمان البتي قال عثمان البتي إذا قتل ابنه عمدا قتل به. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والشافعي لا يقاد والد بولده ولا الجد بابن الابن وقال الحسن بن حي يقاد الجد بابن الابن وتجوز شهادته له ولا يقاد الأب بالابن ولا تجوز شهادته له قال أبو عمر أكثر العلماء على أن الأب لا يقتل بابنه إذا قتله عمدا ويقتل الابن عند الجميع بالأب إذا قتله عمدا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نصا من حديث عمر وغيره وقد ذكرنا الآثار بذلك في التمهيد وقد حدثني خلف بن قاسم قال حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن مهران السراج قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثني خلاد بن يحيى المقرئ عن قيس بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقام الحدود في المساجد ولا يقاد بالولد الوالد قال أبو عمر اختلاف أصحاب مالك في من تلزمه الدية في قتل الأب ابنه عمدا كاختلاف سائر العلماء على قولين أحدهما يجب على الأب في ماله والآخر على العاقلة فقال بن القاسم هي على الوالد وقال عبد الملك وأشهب وسحنون هي على العاقلة واحتج عبد الملك بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لسراقة بن مالك اعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير وليس سراقة بالأب وإنما هو سيد القوم قال فهذا يدل أنها كانت على العاقلة. وأما قوله في حديث مالك فنري في جرحه فمات فالمعنى أنه نزى جرحه الذي أصيب به في ساقه إلى نفسه فمات وقيل فمرض من ذلك الجرح مرضا مات منه والمراد من اللفظ مفهوم وفي اشتقاقه في اللغة فقد يقال أنه من النزاء والنزاء والنقار علة تأخذ المنز فيبول الدم ويموت من ذلك والله أعلم. 1614- مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا أتغلظ الدية في الشهر الحرام فقالا لا ولكن يزاد فيها للحرمة فقيل لسعيد هل يزاد في الجراح كما يزاد في النفس فقال نعم قال مالك أراهما أرادا مثل الذي صنع عمر بن الخطاب في عقل المدلجي حين أصاب ابنه قال أبو عمر اختلف العلماء في تغليظ الدية في الشهر الحرام وفي الحرم فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وبن أبي ليلى القتل في الحل والحرم سواء وفي الشهر الحرام وغيره سواء وهو قول سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار وأبي بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وقال الأوزاعي القتل في الشهر الحرام تغلظ فيه الدية - فيما بلغنا - وفي الحرم وقد تجعل دية وثلثا أو يزاد في شبه العمد في أسنان الإبل. وقال الشافعي تغلظ الدية في النفس وفي الجراح في الشهر الحرام وفي البلد الحرام وذوي الرحم فروي عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وبن شهاب وأبان بن عثمان أنه من قتل في الشهر الحرام أو في الحرم زيد على ديته مثل ثلثها وروي مثل ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال أبو عمر ورد التوقيف في الديات عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه الحرم ولا الشهر الحرام فأجمعوا على أن الكفارة على من قتل خطأ في الشهر الحرام وغيره سواء فالقياس أن تكون الدية كذلك. 1615- قال مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير أن رجلا من الأنصار يقال له أحيحة بن الجلاح كان له عم صغير هو أصغر من أحيحة وكان عند أخواله فأخذه أحيحة فقتله فقال أخواله كنا أهل ثمة ورمه حتى إذا استوى على عممه غلبنا حق امرئ في عمه قال أبو عمر أما قول عروة أن رجلا من الأنصار يقال له أحيحة فإنما أراد أن أحيحة من القبيلة (والقوم) الذين يقال لهم الأنصار في زمنه وهم الأوس والخزرج لأن الأنصار اسم إسلامي قيل لأنس بن مالك أرأيت قول الناس لكم الأنصار اسم سماكم الله به أم كنتم تدعون به في الجاهلية فقال بل اسم سمانا الله (عز وجل) به في القرآن وأحيحة لم يدرك الإسلام لأنه في محل هاشم بن عبد مناف وهو الذي خلف على سلمى بنت عمرو بن زيد من بني عدي بن النجار بعد موت هاشم عنها فولدت له أحيحة فهو أخو عبد المطلب بن هاشم لأمه وقد غلط في أحيحة هذا غلطا بينا بعض من ألف في رجال الموطأ فظنه صاحبا وهو أحيحة بن الجلاح بن الحريسن بن حجب بن خلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس وزوجته سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار. وإنما فائدة حديث عروة هذا أن أهل الجاهلية كان منهم من يقتل قريبة ليرثه وإنما ذلك كان منهم معروفا وعنهم مشهورا فأبطل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته وسن لأمته ألا يرث القاتل من قتل وهي سنة مجتمع عليها في القاتل عمدا وروى سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير أنه قال ما ورث قائل ممن قتل بعد أحيحة بن الجلاح وسفيان عن هشام بن حسان عن بن سيرين عن عبيدة السلماني قال لم يرث قاتل من قتل بعد صاحب البقرة وذكر الشافعي قال حدثني بندار قال حدثني روح بن عبادة قال حدثني عوف عن محمد عن عبيدة أن صاحب البقرة التي كانت في بني إسرائيل كان رجلا ليس له ولد وإنما وارثه قتله يريد ميراثه فلما ضرب القتيل ببعضها أحياه الله (عز وجل) فقيل له من قتلك قال فلان فلم يورث منه ولا ورث قاتل بعده من مقتولة قال عبيدة وكان الذي قتله بن أخيه قال الساجي قال. وحدثني عبد الجبار قال حدثني سفيان عن محمد بن (سوقه) يقول سمع عكرمة يقول كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا لكل باب قوم يدخلون منه فوجدوا قتيلا في سبط من الأسباط فادعى هؤلاء على هؤلاء وهؤلاء على هؤلاء ثم أتوا موسى يختصمون إليه فقال لهم إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوه ببعضها فذكر الخبر بطوله في ابتياعهم البقرة وتشددهم فيها والتشديد عليهم حتى اشتروها وذبحوها وضربوه بفخذها قالوا من قتلك قال بن أخي فلان وهو وارثي فلم يورث منه ولم يعط من ماله شيئا ولم يورث قاتل بعده قال أبو عمر أجمع العلماء على أن القاتل عمدا لا يرث من مقتوله إلا فرقة شذت عن الجمهور كلهم أهل بدع واختلف العلماء في ميراث القاتل خطأ على ما نذكره بعد إن شاء الله (عز وجل) وقول عروة في ذلك لا يرث قاتل من قتل يعني أن القاتل منع من الميراث عقوبة له لاستعجاله الميراث من غير وجهه لئلا يتطرق الناس إلى الميراث بالقتل فكان سبب ذلك قتل أحيحة عمدا ليرثه وكان ذا مال كثير فكان ما كان من قتل أحيحة لعمه قصدا لأخذ ميراثه في الجاهلية سببا إلى منع القاتل من الميراث في الإسلام ومما يشبه قول عروة هذا في أن الشيء قد يكون سببا لغيره في تحليل وتحريم ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان تحرجهم من نكاح اليتامى سببا إلى نكاح الأربع تريد قول الله عز وجل (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلث وربع) النساء 3. وأما قوله كنا أهل ثمه ورمه فقيل كنا أهل حضانته وتربيته وقيل أهل قليله وكثيره وقيل أهل خيره وشره والمعنى قريب من السواء لأن الثم في كلام العرب الرطب والرم اليابس وقد روي ثمه ورمه بضم الثاء والراء والأكثر الفتح فيهما. وأما قوله غلبنا حق امرئ في عمه فإنه يقول غلبنا عليه حق التعصيب قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن قاتل العمد لا يرث من دية من قتل شيئا ولا من ماله ولا يحجب أحدا وقع له ميراث وأن الذي يقتل خطأ لا يرث من الدية شيئا وقد اختلف في أن يرث من ماله لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه وليأخذ ماله فأحب إلى أن يرث من ماله ولا يرث من ديته قال أبو عمر قد أخبر مالك رحمه الله أن قاتل العمد لا اختلاف فيه عندهم أنه لا يرث وهو قول بن أبي ذئب وأهل المدينة وكذلك هو عند الجميع من العلماء قديما وحديثا لا خلاف في ذلك والخلاف كما ذكره مالك في القاتل خطأ. وأما القائلون بالوجهين من العلماء فروي عن عمر وعلي رضي الله عنهما من وجوه شتى أن القاتل عمدا أو خطأ لا يرث شيئا وروى عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل ابنه فغرمه عمر الدية مائة من الإبل ولم يورثه من الدية ولا من سائر ماله شيئا وقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقتل والد بولده لقتلتك وهذا عند مالك وغيره عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى الشعبي عن عمر وعلي وزيد قالوا لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا وبن أبي ليلى عن علي مثله وعن مجاهد عن عمر مثله وذكر أبو بكر قال أخبرنا أبو بكر بن عياش عن مطرف عن الشعبي قال قال عمر لا يرث قاتل عمدا ولا خطأ وروى بن سيرين عن عبيدة قال لم يورث قاتل بعد صاحب البقرة وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي - في أحد قوليه - وشريك والحسن بن صالح ووكيع ويحيى بن آدم لا يرث القاتل عمدا ولا خطأ شيئا من المال ولا من الدية وهو قول شريح وطاوس وجابر بن زيد والشعبي وإبراهيم. وقال مالك وبن أبي ذئب والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأبو ثور وداود لا يرث قاتل العمد شيئا ويرث قاتل الخطأ من المال ولا يرث من الدية شيئا وهو قول سعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري ومكحول وهو أحد قولي الشافعي وروي عن مجاهد القولان جميعا وقالت طائفة من البصريين يرث قاتل الخطأ من الدية ومن المال جميعا. 1616- مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جرح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس قال مالك وتفسير الجبار أنه لا دية فيه قال أبو عمر هكذا عند جماعة العلماء قال الشاعر: وكم ملك نزعنا الملك منه *** وجبار بها دمه جبار وقال سليمان بن موسى الجبار الهدر وقال بن جريج الجبار في كلام أهل تهامة الهدر. وأما قوله - عليه السلام العجماء فهو كل حيوان لا ينطق من الدواب كلها والسباع وغيرها قال الشاعر يصف كلبا: يكاد إذا أبصر الضيف مقبلا *** يكلمه من حبه وهو أعجم وقال حميد بن ثور: فلم أر محزونا له مثل صوتها *** ولا عربيا شاقة صوت أعجما وجرح العجماء جنايتها وقد تقدم في كتاب الأقضية حكم المواشي وسائر الدواب تقع في الزرع والكرم ليلا ونهارا وما للعلماء في ذلك من التنازع فلا معنى لإعادته هنا. وقال مالك القائد والسائق والراكب كلهم ضامنون لما أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له وقد قضى عمر بن الخطاب في الذي أجرى فرسه بالعقل قال مالك فالقائد والركب والسائق أحرى أن يغرموا من الذي أجرى فرسه قال أبو عمر على قول مالك هذا في الراكب والسائق والقائد جمهور العلماء وعليه جرى فتيا أئمة الأمصار في الفتيا إلا أنهم اختلفوا فيما أصابته برجلها فقال أبو حنيفة وأصحابه إذا ركب رجل دابة في طريق ضمن ما أصابت بيديها ورجليها أو كدمت أو خبطت إلا النفحة بالرجل والنفحة بالذنب فإنه لا يضمنها وكل ما ضمن فيه الراكب ضمن فيه القائد والسائق إلا أن الكفارة على الراكب وليس على السائق والقائد كفارة. وقال الشافعي إذا كان الرجل راكبا على دابة فما أصابت بيديها ورجليها أو فيها أو ذنبها من نفس أو جرح فهو ضامن لأن عليه منعها في تلك الحال من كل ما يتلف به شيئا قال وكذلك إذا كان سائقا أو قائدا وكذلك الإبل المقطرة بالبعير لأنه قائد لها. وقال الشافعي لا يصح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل جبار لأن الحفاظ لم يحفظوه قال أبو عمر قد ذكرنا في التمهيد طرق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرجل جبار وقال بن شبرمة وبن أبي ليلى يضمن ما أتلفت الدابة برجلها إذا كان عليها أو قادها أو ساقها كما يضمن ما أتلفت بغير رجلها كقول الشافعي سواء وقال الأوزاعي والليث بن سعد في هذا الحديث كقول مالك لا يضمن ما أصابت الدابة برجلها من غير صنعه ويضمن ما أصابت بيدها ومقدمها إذا كان راكبا عليها أو قائدا لها أو سائقا وذكر بن وهب عن يونس وبن أبي ذئب عن بن شهاب أنه سئل عن رجل قاد هدية فأصابت طيرا فقتلته فقال إن كان يقودها أو يسوقها حتى أصابت الطير فقد وجب عليه جزاء ما قتلت وإن لم يكن يقودها ولا يسوقها فليس عليه جزاء ما أصابت وقال بن سيرين كانوا لا يضمنون من النفحة ويضمنون من رد العنان وقال شريح وحماد لا يضمن النفحة إلا أن ينخس قال أبو عمر هذا كقول مالك وقد روى سفيان بن حسين الواسطي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل جبار إلا أنه لم يروه عن الزهري إلا سفيان بن حسين الواسطي وقد أشبعنا هذا الباب في التمهيد وقال داود وأهل الظاهر لا ضمان على أحد في جرح العجماء برجل أو مقدم ولا على حال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل جرحها جبارا إلا أن يحملها على ذلك أو يرسلها عليه فتكون حينئذ كالآلة ويلزمه ضمان ما أفسد بجناية نفسه ولا يضمن إلا القاصد إلى الإفساد دون السبب في ذلك إلا أن يجمعوا على أمر فيسلم له قال مالك والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق أو يربط الدابة أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين أن ما صنع من ذلك مما لا يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فهو ضامن لما أصيب في ذلك من جرح أو غيره فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو في ماله خاصة وما بلغ الثلث فصاعدا فهو على العاقلة وما صنع من ذلك مما يجوز له أن يصنعه على طريق المسلمين فلا ضمان عليه فيه ولا غرم ومن ذلك البئر يحفرها الرجل للمطر والدابة ينزل عنها الرجل للحاجة فيقفها على الطريق فليس على أحد في هذا غرم قال أبو عمر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والبئر جبار يعني أن من وقع في البئر فدمه هدر وليس على حافرها فيه شيء وكذلك لو وقعت في البئر دابة لأحد إلا أن ذلك على ما قاله مالك - رحمه الله - إذا حفرها في موضع له حفرها فيه ولم يكن بالحفر لها في ذلك الموضع متعديا وذلك أن يحفرها في ما يملكه من الأرض ولا ضرر فيه على غيره أو في ما لا ملك لأحد فيه ولا يضر بأحد ونحو هذا وقال بن القاسم عن مالك له أن يحدث في الطريق بئرا للمطر والمرحاض يحفره إلى جانب حائطه والميزاب والظلة ولا يضمن ما عطب بذلك قال وما حفره في الطريق مما لا يجوز له حفره ضمن ما أعطب به قال مالك وإن حفر بئرا في داره لسارق يرصده ليقع فيها أو وضع به حبالات أو شيئا مما يتلفه به فعطب به السارق فهو ضامن وكذلك إن عطب غير السارق وقال الليث من حفر بئرا في داره أو في طريق أو في رحبة له فوقع فيها إنسان فإنه لا يضمن ما حفر في داره أو في رحبة لا حق لأحد فيها قال فإن ربط بعيرا أو دابة على طريق فعقرت على رباطها وانفلتت فإن كان ذلك من شأنها معلوما فعسى أن يضمن وإن كان ذلك شيئا لم يكن منها في ماخلا فلا أرى عليه شيئا. وقال الشافعي من وضع حجرا في أرض لا يملكها ضمن ما عطب به قال ولو حفر في صحراء أو في طريق واسع (فعطب) به إنسان فلا شيء عليه كما لو وضعه في ملكه وفي موضع آخر للمزني. وقال الشافعي ولو أوقف دابته في موضع ليس له أن يوقفها فيه ضمن ولو أوقفها في ماله لم يضمن. وقال أبو حنيفة وأصحابه من أوقف دابته في الطريق مربوطة أو غير مربوطة ضمن ما أصابت بأي وجه ما أصابت وقالوا يضمن كل ما كان العطب فيه من سببه وفي موضع يجوز له أن يحدثه فيه أو لا يجوز قالوا وليس يبرئه ما جاز إحداثه له من الضمان كراكب الدابة يضمن ما عطب بها وإن كان له أن يتركها ويسير عليها قال أبو عمر لم يختلفوا أنه يضمن في ما ليس له أن يحدثه وإنما اختلفوا في ماله أن يحدثه في غير ملكه قال أبو عمر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال النار جبار وقال يحيى بن معين أصله البئر ولكن معمر صحفه قال أبو عمر لم يأت بن معين على قوله هذا بدليل وليس هكذا ترد أحاديث الثقات وذكر وكيع عن عبد العزيز بن حصين عن يحيى بن يحيى الغساني قال أحرق رجل تبنا في مراح فخرجت شرارة من نار حتى أحرقت شيئا لجاره قال فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العجماء جبار وأرى أن النار جبار قال أبو عمر روي عن علي رضي الله عنه في فارسين اصطدما فمات أحدهما يضمن الحي للميت وروي عن إبراهيم وحماد وعطاء فيمن استعان صبيا بغير إذن أهله أو مملوكا بغير إذن مولاه ضمن. وقال مالك في الرجل ينزل في البئر فيدركه رجل آخر في أثره فيجبذ الأسفل الأعلى فيخران في البئر فيهلكان جميعا أن على عاقلة الذي جبذه الدية قال أبو عمر ما أظن في هذا خلافا -والله أعلم- إلا ما قال بعض المتأخرين من أصحابنا وأصحاب الشافعي يضمن نصف الدية لأنه مات من فعله ومن سقوط الساقط عليه قال مالك في الصبي يأمره الرجل ينزل في البئر أو يرقى في النخلة فيهلك في ذلك أن الذي أمره ضامن لما أصابه من هلاك أو غيره قال أبو عمر قد روى بن القاسم عن مالك قال إذا حمل صبيا على دابة ليسقيها أو يمسكها فأصابت الدابة رجلا وطئته فقتلته فالدية على عاقلة الصبي ولا ترجع على عاقلة الرجل وهذا يدل على أنه لا يضمن الصبي لو هلك لأنه لو ضمنه لرجع عليه. وقال الشافعي لو صاح بصبي أو معتوه فسقط من صيحته ضمن وقاله عطاء وزاد وما أرى الكبير إلا كذلك وقال الثوري إذا أرسل رجل صبيا في حاجة فجنى الصبي فليس على المرسل شيء وهو على الصبي ولو أرسل مملوكا فجنى جناية فهي على المرسل وروى المعافي عن الثوري من أرسل أجيرا صغيرا في حاجة فأكله الذئب فلا شيء عليه وإن استعمل أجيرا في عمل شديد فمات منه فإن كان صغيرا ضمن وإن كان كبيرا فلا شيء عليه وقال الحسن بن حي لا أرى بأسا أن يستعمل الرجل مملوكا لغيره يقول اسقني ماء وناولني وضوءا والصبي كذلك وإن كان عنت في ذلك ضمن قال أبو عمر الذي أرى في هذا كله وما كان مثله أن العاقلة تحمله إن كان مقدارا تحمله العاقلة لأنه لا مباشرة فيه للفاعل ولم يكن فيه إلى ذهاب النفس قصد ولا عمد وإنما هو السبب والسبب مختلف فيه وقد مضى ما في هذا المعنى للعلماء - والحمد لله كثيرا. وأما مسألة الفارسين يصطدمان فيموتان فقال مالك والأوزاعي والحسن بن حي وأبو حنيفة وأصحابه على كل واحد منهما دية الآخر على عاقلته وقال بن خواز بنداد وكذلك عندنا السفينتان تصطدمان (إذا لم يكن) للنوتي صرف السفينة ولا الفارس صرف الفرس وقال عثمان البتي وزفر والشعبي في الفارسين إذا اصطدما فماتا على كل واحد منهما نصف دية صاحبه لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه وروي عن مالك في السفينتين والفارسين على كل واحد منهما الضمان بقيمة ما أتلف لصاحبه كاملا قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه ليس على النساء والصبيان عقل يجب عليهم أن يعقلوه مع العاقلة فيما تعقله العاقلة من الديات وإنما يجب العقل على من بلغ الحلم من الرجال. وقال مالك في عقل الموالي تلزمه العاقلة إن شاؤوا وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين وقد تعاقل الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمان أبي بكر الصديق قبل أن يكون ديوان وإنما كان الديوان في زمان عمر بن الخطاب فليس لأحد أن يعقل عنه غير قومه ومواليه لأن الولاء لا ينتقل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الولاء لمن أعتق قال مالك والولاء نسب ثابت قال أبو عمر أما اختلاف العلماء في العواقل فقول مالك ما ذكره في موطئه وقال بن القاسم عنه الدية على العواقل على الغني قدره ومن دونه قدره حتى يصيب الرجل منهم درهم من مائة درهم وأكثر وحكي عنه أن ذلك يؤخذ من أعطياتهم وقال الثوري تعقل العاقلة الدية في ثلاث سنين أولها العام الذي أصيب فيه وتكون عنده الأعطية على الرجال. وقال الشافعي العقل على ذوي الأنساب دون أهل الديوان والخلفاء على الأقرب فالأقرب من بني أبيه ثم من بني جده ثم من بني جد أبيه فإن عجزوا عن البعض حمل عنهم الموالي المعتقون فإن عجزوا عن بعض ولهم عواقل عقلتهم عواقلهم فإن لم يكن لهم ذو نسب ولا مولى أعلى (من المولى ) حمل المولى من أسفل ويحمل من كثر ماله نصف دينار ومن كان دون ذلك ربع دينار لا يزاد على هذا ولا ينقص منه. وقال أبو حنيفة وأصحابه الدية في قتل الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين من يوم يقضي بها والعاقلة أهل ديوانه فإن كان من أهل الديوان يؤخذ ذلك من أعطياتهم حتى يصيب الرجل من الدية منهم كلها أربعة دراهم أو ثلاثة دراهم فإن أصابه أكثر من ذلك ضم إليها أقرب القبائل إليهم في النسب من أهل الديوان وأن كان القاتل ليس من أهل الديوان فرضت الدية على عاقلته الأقرب فالأقرب في ثلاث سنين من يوم يقضي بها القاضي فيؤخذ في كل سنة ثلث الدية عند رأس كل حول ويضم إليهم أقرب القبائل منهم في النسب حتى يصيب الرجل من الدية ثلاثة دراهم أو أربعة وقال محمد بن الحسن يعقل عن الحليف خلفاؤه ولا يعقل عنه قومه وقال عثمان البتي ليس أهل الديوان أولى بها من سائر العاقلة قال أبو عمر أجمع العلماء قديما وحديثا أن الدية على العاقلة لا تكون إلا في ثلاث سنين ولا تكون في أقل منها وأجمعوا أنها على البالغين من الرجال وأجمع أهل السير والعلم بالخبر أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام وكانوا يتعاقلون بالنظرة ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك حتى جعل عمر الديوان واتفق (الفقهاء) على رواية ذلك والقول به وأجمعوا أنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أبي بكر ديوان وأن عمر جعل الديوان وجمع به الناس وجعل أهل كل جند يدا وجعل عليهم قتال من يليهم من العدو وحد الكوفي والشافعي في مقدار ما يحمل الواحد من العاقلة من الدية ما تقدم ذكره عنهما ولم يحد مالك في ذلك حدا وذلك عنده على حسب طاقة العاقلة وغناها وفقرها يحمل الواحد من ذلك ما لا يضر به وما يسهل من درهم إلى مائة وأزيد إذا سهل ذلك عليه واتفق جمهور أهل الحجاز على أن العاقلة القرابة من قبل الأب وهم العصبة دون أهل الديوان وقضى عمر بن الخطاب على علي بن أبي طالب أن يعقل عن موالي صفية بنت عبد المطلب دون ابنها الزبير وقضى بميراثهم للزبير - رضي الله عنه - وقضى على سلمة بن نعيم إذ قتل مسلما فظنه كافرا بالدية عليه وعلى قومه وقال الكوفيون القريب والبعيد سواء في من يقدم الدية من العاقلة من العصبة. وقال الشافعي الأقرب فالأقرب على منازلهم في التعصيب حتى ينتهي الأمر إلى الأقصى على ما قدمنا عنه وروى بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله وقال لا يتولى مولى قوما إلا بإذنهم وقال صلى الله عليه وسلم مولى القوم منهم وقال صلى الله عليه وسلم الولاء كالنسب. وأما قول محمد بن الحسن أن الحليف يعقل عن حليفه فاحتج له الطحاوي بحديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة ولقوله صلى الله عليه وسلم للمشرك الذي ربطه في سواري المسجد أحبسك بجريرة حلفائك وقد ذكرنا من معاني هذا الباب كثيرا فيما تقدم والحمد لله كثيرا وذكرنا مسائل منه اختلف فيها أصحاب مالك في كتاب اختلافهم قال مالك والأمر عندنا فيما أصيب من البهائم أن على من أصاب منها شيئا قدر ما نقص من ثمنها قال أبو عمر قد تقدم هذا في كتاب الأقضية في باب مترجم بالقضاء في من أصاب شيئا من البهائم فلا معنى لتكراره قال مالك في الرجل يكون عليه القتل فيصيب حدا من الحدود أنه لا يؤخذ به وذلك أن القتل يأتي على ذلك كله إلا الفرية فإنها تثبت على من قيلت له يقال له ما لك لم تجلد من افترى عليك فأرى أن يجلد المقتول الحد من قبل أن يقتل ثم يقتل ولا أرى أن يقاد منه في شيء من الجراح إلا القتل لأن القتل يأتي على ذلك كله قال أبو عمر قول مالك هذا هو قول بن شهاب وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وحماد بن أبي سليمان وقد روي عن بن عباس أنه قال إذا اجتمعت الحدود والقتل سقطت كلها إلا القذف وقال معمر سئل بن شهاب عن رجل سرق ثم قتل فقال تدرأ الحدود كلها مع القتل إلا القذف قال أبو عمر قد قال مالك - رحمه الله - في غير الموطأ فيمن سرق ثم قتل يبدأ بما هو حق لله تعالى فيقطع في السرقة ثم يقتل في القصاص لأن القصاص يجوز فيه العفو ولا يجوز في قطع السرقة عفو قال ولو زنى وسرق وهو محصن رجم ولم يقطع قال أبو عمر كأنه يقول لما اجتمع حدان لله عز وجل ناب أحدهما عن الآخر وقد عده قوم من الفقهاء مناقضة لقوله إن حد الله لا يسقطه العفو فلم يسقط حق الله (عز وجل) في القطع ها هنا ولم يسقط في الاجتماع من القتل وقال بن شبرمة إذا قتل وزنى حد ثم قتل وقال الأوزاعي إذا قطع يد رجل ثم سرق قطعت يده في القصاص ثم قطعت رجله في السرقة قال وإن سرق ثم قطع يمنى رجل قطعت يده في السرقة وغرم دية المقطوع يده وإن كانت عليه حدود للناس ثم قتل أخذت حدود الناس منه ثم قتل وإن كانت حدوده كلها لله - عز وجل - منها القتل قتل وترك ما سواه وقال الليث في المرتد يجني أن يقتل وتبطل كل جناية كانت منه. وقال الشافعي إذا اجتمعت على رجل حدود وقتل بدىء بحد القذف يجلد ثمانين جلدة ثم يجلد في الزنى ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى لقطع الطريق وكانت يده اليمنى للسرقة وقطع الطريق معا ورجله لقطع الطريق مع يده ثم قتل قودا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يبدأ بالقصاص فيما دون النفس ثم يحد للقذف ثم إن شاء يحد للزنى أو السرقة ثم يحد للشراب أخرى. وقال الشافعي إذا اجتمعت على رجل حدود وقتل فما كان للناس فحده وما كان لله عز وجل - فدعه فإن القتل يمحو ذلك كله واختلفوا أيضا فيمن قطع يد رجل ثم قتله فروى بن القاسم عن مالك قال يقتل ولا تقطع يده وهو قول بن شبرمة وأبى يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة والشافعي إذا قطع يد رجل ثم قتله قبل البرء فللوالي أن يقطع يده ثم يقتله قال مالك الأمر عندنا أن القتيل إذا وجد بين ظهراني قوم في قرية أو غيرها لم يؤخذ به أقرب الناس إليه دارا ولا مكانا وذلك أنه قد يقتل القتيل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به فليس يؤخذ أحد بمثل ذلك قال أبو عمر قد اختلف العلماء في هذه المسألة فذكر وكيع قال حدثني إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال وجد قتيل باليمن بين وادعة وأرحب فكتب عامل عمر إليه في ذلك فكتب عمر إليه أن قس ما بين الحيين فإلى أيهم كان أقرب فخذهم به وذكر أبو بكر قال حدثني عبد الرحيم عن أشعث عن الشعبي قال قتل قتيل بين حيين من همدان بين وادعة وحيوان فبعث معهم عمر المغيرة بن شعبة فقال انطلق معهم فقس ما بين القريتين فأيهما كان أقرب فألحق بهم القتيل قال. وحدثني عبد الرحيم عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر بن محمد بن علي أن عليا كان إذا وجد القتيل ما بين قريتين قاس ما بينهما وروى بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت أبا عمرو الشيباني يقول سمعت بن مسعود يقول لا يخرجن أحد منكم إلى صحبه بليل ولا إلى أمر يكون في هذه السوق قال فخرج رجل منا إلى السوق فوجد قتيلا عند باب رجل فألزمه العقل. وأما اختلاف الفقهاء فيها فإن مالكا والشافعي والليث بن سعد ذهبوا إلى أنه إذا وجد قتيل في محلة قوم أو فنائهم لم يستحق عليهم بوجوده حتى تكون الأسباب التي شرطوها في وجوب القسامة وقد اختلفوا فيها على ما نذكره عنهم في باب القسامة إن شاء الله تعالى وقد أوجب قوم من العلماء فيه القسامة منهم الزهري وغيره وجماعة من التابعين وقال سفيان الثوري إذا وجد القتيل في قوم به أثر كان عقله عليهم وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء إلا أن تقوم البينه على أحد قال سفيان وهذا مما اجتمع عندنا ذكره عبد الرزاق عن الثوري وهو قول أبي حنيفة وأصحابه اعتبروا إن كان بالقتيل أثر جعلوه على القبيلة أو لا يكون به أثر فلا يجعله على أحد ونذكر مذاهبهم وغيرهم في المعنى واضحة في باب القسامة إن شاء الله عز وجل وعن الثوري عن الحسن بن عمرو عن الفضيل بن عمرو عن إبراهيم قال إذا وجد القتيل في قوم فشاهدان يشهدان على أحد أنه قتله وإلا أقسموا خمسين يمينا أنهم ما قتلوه وغرموا الدية وعن معمر عن الزهري أنه كتب إليه سليمان بن هشام يسأله عن رجل وجد مقتولا في دار قوم فقالوا طرقنا ليسرقنا وقال أولياؤه بل كذبوا بل دعوه إلى منزلهم ثم قتلوه قال الزهري فكتب إليه يحلف أولياء المقتول خمسين يمينا إنهم لكاذبون ما جاء ليسرقهم وما دعوه إلا دعاء ثم قتلوه فإن حلفوا أعطوا القود وإن نكلوا حلف من أوليائه خمسون بالله لطرقنا ليسرقنا ثم عليهم الدية قال الزهري وقد قضى بذلك عثمان رضي الله عنه قال أبو عمر قد برأ الزهري في هذه المسألة أولياء الدم باليمين وهم المدعون وهذا خلاف ما رواه عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار عن عمر رضي الله عنه وموافقة منه لحديث الحارثين من الأنصار حويصة ومحيصة وعبد الرحمن في قتيلهم بخيبر ذكر بن جريج قال أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أنه في كتاب لعمر بن عبد العزيز قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا في القتيل يوجد بين ظهراني قوم أن الأيمان على المدعى عليهم فإن نكلوا حلف المدعون واستحقوا فإن نكل الفريقان جميعا كانت الدية نصفين نصف على المدعى عليهم ونصف يبطله أهل الدعوة إذا كرهوا أن يستحقوا بأيمانهم قال مالك في جماعة من الناس اقتتلوا فانكشفوا وبينهم قتيل أو جريح لا يدرى من فعل ذلك به إن أحسن ما سمع في ذلك أن فيه العقل وأن عقله على القوم الذين نازعوه وإن كان القتيل أو الجريح من غير الفريقين فعقله على الفريقين جميعا قال أبو عمر هذا يدل على أنه قد سمع في هذه المسألة اختلافا والاختلاف أن يسمع دعوى أولياء المقتول ثم يحكم فيه بالقسامة على كل مذهبه في ما توجبه القسامة من القود أو الدية على ما يأتي بعد إن شاء الله عز وجل وذكر أبو بكر قال حدثني محمد بن عدي عن أشعث عن الحسن في قوم تناضلوا وأصابوا إنسانا لا يدرى أيهم أصابه قال الدية عليهم كلهم قال. وحدثني محمد بن بكر عن بن جريج عن عطاء قال أتى حجر عابر في إمارة مروان فأصاب بن نسطاس عم عامر بن عبد الله بن نسطاس لا يعلم من صاحبه الذي قتله فضرب مروان ديته على الناس قال أبو عمر جاء عن عمر وعلي - رضي الله عنهما أنهما قضيا في قتيل الزحام بالدية في بيت المال ذكر عبد الرزاق عن الثوري عن وهب بن عقبة العجلي عن يزيد بن مذكور الهمداني أن رجلا قتل يوم الجمعة في المسجد في الزحام فجعل علي ديته في بيت المال قال. وأخبرنا الثوري عن الحكم عن الأسود أن رجلا قتل في الكعبة فسأل عمر عليا فقال من بيت المال وذكر وكيع قال حدثني وهب بن عقبة ومسلم بن يزيد بن مذكور سمعاه من يزيد بن مذكور أن الناس ازدحموا في المسجد الجامع بالكوفة يوم الجمعة فأفرجوا عن قتيل فوداه علي بن أبي طالب من بيت المال قال وكيع. وحدثني شعبة عن الحكم عن إبراهيم أن رجلا قتل في الطواف فاستشار عمر الناس فقال علي - رضي الله عنه - ديته على المسلمين أو قال من بيت المال وروى معمر عن الزهري قال من قتل في زحام فإن ديته على الناس على من حضر ذلك في جمعة أو غيرها قال أبو عمر ليس فيه شيء عند مالك والشافعي وإن وداه السلطان من بيت المال فحسن والله الموفق للصواب. 1617- مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة وقال عمر لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا قال أبو عمر هذا الخبر عند أهل صنعاء موجود معروف ذكره عبد الرزاق من وجوه منها قال أخبرنا معمر قال أخبرنا زياد بن جبل عمن شهد ذلك قال كانت امرأة من صنعاء لها ربيب فغاب عنها زوجها وكان ربيبها عندها وكان لها خليل فقالت إن هذا الغلام فاضحنا فانظروا كيف تصنعون به فتمالؤوا عليه وهم سبعة مع المرأة قال قلت كيف تمالؤوا عليه قال لا أدري غير أن أحدهم أعطاه شفرة قال فقتلوه وألقوه في بئر بغمدان قال ففقد الغلام فخرجت امرأة أبيه تطوف على حمار - وهي التي قتلته مع القوم وهي تقول اللهم لا تخف دم أصيل قال وخطب يعلى الناس فقال انظروا هل تحسون بهذا الغلام أو يذكر لكم قال فمر رجل ببئر غمدان بعد أيام فإذا هو بذباب أخضر يطلع مرة من البئر ويهبط أخرى فأشرف على البئر فوجد ريحا أنكرها فأتى يعلى فقال ما أظن إلا قد قدرت لكم على صاحبكم. وأخبره الخبر قال فخرج يعلى حتى وقف على البئر والناس معه قال فقال الرجل الذي قتله صديق المرأة دلوني بحبل فدلوه فأخذ الغلام فغيبه في سرب من البئر ثم قال ارفعوني فرفعوه وقال لم أقدر على شيء فقال القوم الريح الآن أشد منها حين جئنا فقال رجل آخر دلوني فلما أرادوا أن يدلوه أخذت الآخر رعدة فاستوثقوا منه ودلوا صاحبهم فلما هبط فيها استخرجه فرفعوه إليهم ثم خرج فاعترف الرجل خليل المرأة واعترفت المرأة واعترفوا كلهم فكتب فيهم يعلى إلى عمر فكتب إليه أن اقتلهم فلو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم قال فقتل السبعة قال. وأخبرنا بن جريج قال أخبرني عبد الله بن أبي مليكة أن امرأة كانت باليمن لها سبعة أخلاء فقالت لا تستطيعون ذلك منها حتى تقتل بن بعلها فقالوا أمسكيه لنا عندك فأمسكته فقتلوه عندها وألقوه في بئر فدل عليه الذباب فاستخرجوه فاعترفوا بقتله فكتب يعلى بن أمية بشأنهم إلى عمر بن الخطاب فكتب عمر أن اقتل المرأة وإياهم فلو قتله أهل صنعاء أجمعون قتلتهم به وقال بن جريج أخبرني عمر أن حي بن يعلى أخبره أنه سمع يعلى يخبر هذا الخبر قال اسم المقتول أصيل وذكر معنى ما تقدم قال أبو عمر روى حديث مالك في هذا الباب سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب فلم يقل فيه قتلوه قتل غيلة وروى وكيع عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر قتل سبعة من أهل صنعاء برجل وقال لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم ولم يذكر غيلة وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن يحيى عن سعيد بن المسيب قال رفع إلى عمر سبعة لم يقل فيه أنهم قتلوه قتل غيلة وكذلك رواية بن نمير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال الثوري. وأخبرنا منصور عن إبراهيم عن عمر مثله قال سفيان وبه نأخذ فلم يذكر فيه قتل غيلة غير مالك والله أعلم والقصة وقعت بصنعاء وعالم صنعاء معمر ومن أخذ عنه قد ذكروا الخبر على غير قتل الغيلة قال أبو عمر اختلف الفقهاء في قتل الجماعة بالواحد فقال جماعة فقهاء الأمصار منهم الثوري والأوزاعي والليث ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وأحمد وإسحاق وأبو ثور تقتل الجماعة بالواحد إذا قتلوه كثرت الجماعة أو قلت إذا اشتركت في قتل الواحد ويروى ذلك عن عمر وعلي والمغيرة بن شعبة وبن عباس رضي الله عنهم قال بن عباس لو أن مائة قتلوا واحد قتلوا به وبه قال إبراهيم والشعبي وقتادة وأبو سلمة والحسن وسليمان بن موسى وقال داود لا تقتل الجماعة بالواحد ولا يقتل بنفس واحدة أكثر من واحد وهو قول بن الزبير ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن عمرو بن دينار قال كان بن الزبير وعبد الملك لا يقتلان منهم إلا واحدا وما علمت أحدا يقتلهم جميعا إلا ما قالوا في عمر وروي ذلك عن معاذ بن جبل ذكر أبو بكر قال حدثني عبيد الله بن موسى عن حسن بن صالح عن سماك عن دهل بن كعب أن معاذا قال لعمر ليس لك أن تقتل نفسين بنفس واحدة وبه قال محمد بن سيرين وبن شهاب والزهري وحبيب بن أبي ثابت قال معمر عن الزهري لا يقتل الرجلان بالرجل ولا تقطع يدان بيد قال أبو عمر اضطرد قول الزهري وداود في أنه لا تقطع يدان بيد ولا يقتل رجلان برجل وكذلك اضطرد قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور في أنه تقطع باليد الواحدة يدان وأكثر إذا اشتركوا في قطع اليد الواحدة كما تقتل الجماعة بالواحد وإذا اقتلوه معا وتناقض أبو حنيفة وأصحابه فقالوا لا تقطع يدان بيد وكذلك سائر الأعضاء وهو قول الثوري وهم يقولون إن الجماعة تقتل بالواحد ومن حجتهم أن النفس لا تتجزأ واليد وسائر الأعضاء تتجزأ وإنما قطع كل واحد منهم بعض العضو فمحال أن يقطع منه عضو كامل ولم يقطعه كاملا. 1618- مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها وقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت قال مالك الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه (ولقد علموا لمن اشتره ما له في الآخرة من خلاق) [البقرة 102]. فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه قال أبو عمر قد روي هذا الخبر عن نافع عن حفصة وعن نافع عن بن عمر روى بن عيينة قال أخبرني من سمع نافعا يحدث عن حفصة أنها قتلت جارية لها سحرتها وذكر عبد الرزاق قال أخبرنا عبد الله أو عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن جارية لحفصة سحرتها واعترفت بذلك فأمرت بها عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فقتلها وأنكر ذلك عليها عثمان فقال بن عمر ما تنكر على أم المؤمنين من امرأة سحرتها واعترفت فسكت عثمان وعند مالك في هذا الباب عن عائشة خلاف لحفصة إلا أنه رماه بآخرة من كتابه فليس عند يحيى وطائفة معه من رواة الموطأ وأثبت حديث حفصة لأنه الذي يذهب إليه في قتل الساحر وحديث عائشة رواه مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها أعتقت جارية لها على دبر منها ثم أن عائشة مرضت بعد ذلك ما شاء الله فدخل عليها سندي فقال إنك مطبوبة فقالت من طبني فقال امرأة من نعتها كذا وكذا وفي حجرها صبي قد بال فقالت عائشة ادع لي فلانة لجارية لها تخدمها فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال فقالت حتى أغسل بول الصبي فغسلته ثم جاءت فقالت لها عائشة سحرتني قالت نعم فقالت لم قالت أحببت العتق فقالت عائشة أحببت العتق فوالله لا تعتقن أبدا فأمرت عائشة بن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها ثم قالت ابتع لي بثمنها رقبة حتى اعتقها ففعلت قالت عمرة فلبثت عائشة ما شاء الله عز وجل من الزمان ثم أنها رأت في النوم أن اغتسلي من ثلاث آبار يمر بعضها في بعض فإنك تشفين قالت عمرة فدخل على عائشة إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الرحمن بن سعد بن زرارة فذكرت لهما الذي رأت فانطلقا إلى قباء فوجدوا آبارا ثلاثا يمد بعضها بعضا فاستقوا من كل بئر منها ثلاث شخب حتى ملئ الشخب من جميعهن ثم أتوا به عائشة فاغتسلت به فشفيت قال أبو عمر في حديث عائشة هذا بيع المدبر وكان بعض أصحابنا يفتي به في بيع المدبر إذا تخلف عن مولاه وأحدث أحداثا قبيحة لا ترضى وفيه أن السحر حق وأنه يؤثر في الأجسام وإذا كان هذا لم يؤمن منه ذهاب النفس وفيه أن الغيب تدرك منه أشياء بدروب من التعليم فسبحان من علمه بلا تعلم ومن يعلم الغيب حقيقة لا كما يعلمه من يخطئ مرة ويصيب أخرى تخرصا وتظننا وفيه إثبات (النشرة) وأنها قد ينتفع بها وحسبك ما جاء منها في اغتسال العائن للمعين وفيه أن الساحر لا يقتل إذا كان عمله من السحر ما لا يقتل حدثني سعيد قال حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني أبو بكر قال حدثني أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم قال سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى النبي صلى الله عليه وسلم لذلك أياما فأتاه جبريل فقال إن رجلا من اليهود عقد لك عقدا فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا - رضي الله عنه - فاستخرجها وجاء بها وجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة قال فقام النبي صلى الله عليه وسلم وكأنما نشط من عقال فما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لليهودي ولا أراه في وجهة قط قال أبو عمر اليهودي لبيد بن الأعصم وحديثه فيه طول من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها. وأما حديث حفصة في قتل الساحر فهو مذهب عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر وقيس بن سعد وجندب - رجل من الصحابة روى بن عيينة عن سالم بن الجعد عن بن دينار أن قيس بن سعد بن عبادة كان أميرا على مصر فكان سره يفشو فشق ذلك عليه وقال ما هذا فقيل له إن ها هنا رجلا ساحرا فبعث إليه فسأله فقال إنا لا نعلم ما في الكتاب حتى يفتح فإذا فتح علمنا ما فيه فأمر به قيس فقتل وسفيان عن أبي سعيد الأعور عن عكرمة عن بن عباس قال علم السحر في قرية من قرى مصر يقال لها الغرماء وسفيان عن عمار الدهني أن ساحرا كان عند الوليد بن عقبة يمشي على الجبل ويدخل في است الحمار ويخرج من فيه فاشتمل له جندب على السيف فقتله قال أبو عمر قد ذكرنا خبر جندب هذا في قتله للساحر بين يدي الوليد من طرق فيها بيان شاف من كتاب الصحابة والحمد لله كثيرا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حد الساحر ضربه بالسيف إلا أنه حديث ليس بالقوي انفرد به إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه بن عيينة عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن مرسلا ومنهم من يجعله عن الحسن عن جندب. وحدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الملك قراءة مني عليه في شعبان سنة تسعين وثلاثمائة قال حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي في منزله بمكة سنة أربعين وثلاثمائة قال حدثني الحسن بن محمد بن الحسن بن الصياح الزعفراني قال حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار بأنه سمع بجالة قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمر الأحنف بن قيس فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة اقتلوا كل ساحر وساحرة وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة فقتلنا ثلاث سواحر وجعلنا نفرق بين الرجل وبين حريمته في كتاب الله عز وجل وصنع طعاما كثيرا فدعى المجوس وعرض السيف على فخذه فألقوا وكر بغل أو بغلين من فضة وأكلوا بغير زمزمة ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وروى معمر وبن عيينة وبن جريج عن عمرو بن دينار قال سمعت بجالة يحدث أبا الشعثاء وعمرو بن أوس عند صفة زمزم في إمارة مصعب بن الزبير قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمر الأحنف بن قيس فأتى كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وساحرة وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة وذكر تمام الخبر قال أبو عمر وقد قال جماعة من فقهاء الأمصار يقتل الساحر اتباعا والله أعلم لمن ذكرنا من الصحابة وبنحو ما نزع به مالك - رحمه الله وأبت ذلك طائفة منهم الشافعي وداود فقالا لا يقتل الساحر إلا أن يقر أن من عمله مات المسحور فإن قال ذلك قتل به قودا قال الشافعي وإن قال عملي هذا قد أخطئ به القتل وأصيب وقد مات من عملي قوم كانت عليه الدية في ماله فإن قال مرض قوم من سحري ولم تمت أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل وكانت فيه الدية وقال داود لو قال الساحر أنا أتكلم بكلام أقتل به لم يجب قتله لأن الكلام لا يقتل به أحد أحدا كما لا يحيي به أحد أحدا وقد جاء بمحال خارج عن العادات وقد قيل إن السحر لا شيء في حقيقته منه وإنما هو تخيل يتخيل الإنسان (الشيء) على غير ما هو به واحتج قائل هذه المقالة يقول الله عز وجل (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) [طه 66]. وبحديث هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخيل إليه أنه كان يأتي النساء حين سحره لبيد بن الأعصم وفي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحره دليل واضح على أن قتل الساحر ليس بواجب وفي حديث زيد بن أرقم على ما ذكرناه بيان ذلك أيضا قال أبو عمر القول الأول أعلى من جهة الاتباع وأنه لا مخالف له من الصحابة إلا عائشة فإنها لم تر قتل الساحر ومن زعم أن الساحر يقلب الحيوان من صورة إلى صورة فيجعل الإنسان حمارا أو نحوه ويقدر على نقل الأجسام وهلاكها وتبديلها فإنه يرى قتل الساحر لأنه كافر بالأنبياء عليهم السلام يدعي مثل آياتهم ومعجزاتهم ولا يتهيأ مع هذا علم صحة النبوة إذ قد يحصل مثلها بالحيلة. وأما من زعم أن السحر خدع ومخارق وتمويهات وتخيلات فلا يجب على أصله قتل الساحر إلا أن يقتل بفعله أحدا فيقتل به وقد ذكرنا حديث بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من اقتبس بابا من علم النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر ما زاد زاد وما زاد زاد في غير موضع من كتابنا والحمد لله كثيرا وفي المبسوط روى بن نافع عن مالك في المرأة تقر أنها عقدت زوجها عن نفسها أو غيرها من النساء أنها تنكل ولا تقتل قال ولو سحر نفسه لم يقتل لذلك. وأما من جهة النظر فدماء المؤمنين محظورة فلا تستباح إلا بيقين وبالله التوفيق. 1619- مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا فقتله وليه بعصا قال مالك والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر أو ضربه عمدا فمات من ذلك فإن ذلك هو العمد وفيه القصاص قال مالك فقتل العمد عندنا أن يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيظ نفسه ومن العمد أيضا أن يضرب الرجل في النائرة تكون بينهما ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه فيموت فتكون في ذلك القسامة قال أبو عمر أما القود بعصا من القاتل فقد اختلف فيه قديما العلماء فجملة مذهب مالك في ما ذكره بن القاسم وبن وهب وأشهب وغيرهم عنه قال إن قتله بعصا أو بحجر أو بالنار أو بالتغريق قتل بمثله فإن لم يمت فلا يزال يكون عليه من جنس ما قتله به حتى يموت وإن زاد على فعل القاتل الأول إلا أن يكون في ذلك تعذيب وطول فيقتل بالسيف وبين أصحاب مالك في هذا الباب اختلاف في النار وغيرها وقد ذكرناه في كتاب اختلافهم. وقال الشافعي إن ضربه بحجر فلم يقلع عنه حتى مات فعل به مثل ذلك وإن حبسه بلا طعام ولا شراب حتى مات حبس كذلك فإن لم يمت في تلك المدة قتل بالسيف قال وكذلك التغريق إذا ألقاه في مهواة بعيدة قال ولو قطع يديه ورجليه فمات فعل به الولي مثل ذلك فإن مات وإلا قتله بالسيف وقال بن شبرمة يضرب مثل ما ضربه ولا يضرب أكثر من ذلك وقد كانوا يكرهون المثلة ويقولون السيف يجزئ من ذلك كله وإن غمسه في الماء فمات غمس أبدا حتى يموت قال أبو حنيفة وأصحابه بأي وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف وهو قول إبراهيم النخعي وعامر الشعبي والحسن البصري ورواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عمر الحجة لمالك والشافعي من جهة الأثر ما حدثناه سعيد قال حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني أبو بكر قال حدثني وكيع عن قتادة عن أنس أن يهوديا رضخ رأس امرأة بحجر فرضخ النبي صلى الله عليه وسلم رأسه بحجر أو قال بين حجرين. وأما قول مالك الأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا اضرب رجلا بعصا أو رماه بحجر فمات من ذلك فهو العمد وفيه القصاص فهذا منه نفي لشبه العمد والقتل عنده على وجهين عمد وخطأ لا ثالث لهما وقتيل الحجر والعصا عنده وغيرهما سواء إذا وقع العمد من الضارب بهما قال بن القاسم قال مالك الأمر شبه العمد باطل وإنما هو عمد وخطأ لم أجد في القرآن غير ذلك وهو الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه قال أبو عمر قد تابع مالكا على نفيه ودفعه لشبه العمد الليث بن سعد وما أعلم أحدا من فقهاء الأمصار على ذلك تابعهما قال مالك العمد ما عمد به إنسان آخر ولو ضربه بأصبعه فمات من ذلك دفع إلى ولي المقتول إلا أنه قد روي عن إبراهيم النخعي وحماد أنهما قالا الضرب بالحجر عمد وفيه القود وروي عن الشعبي وحماد في العصا مثل ذلك وقال الزهري الضرب بالعصا عمد إذا قتلت صاحبها قتل الضارب وعن عبيد بن عمير قال يعمد الرجل الآبد الشديد إلى الصخرة أو الخشبة فيشرخ بها رأس الرجل وأي عمد أعمد من هذا وعن عمر بن الخطاب أنه قال يعتمد أحدكم إلى أرضه فيضربه بمثل آكلة اللحم لا يؤتى برجل فعل ذلك فقتل إلا أقدته منه رواه زيد بن جبير عن جزرة بن حميد عن عمر بن الخطاب سمعه يقول لا يضرب أحدكم أخاه بمثل آكلة اللحم ثم يرى ألا قود عليه والله لا آخذ رجلا فعل ذلك إلا أقدت منه ورواه حجاج بن أرطأة وإسرائيل وشريك عن زيد بن حبير وبعضهم يقول في حميد جميل والصواب عندهم حميل قال أبو عمر قد تقدم في باب دية العمد إذا قبلت من هذا الكتاب عن عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وأبي موسى والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم أنهم أثبتوا شبه العمد وقضوا فيه بالدية المغلظة وإن كانوا اختلفوا في أسنان الإبل فيها ولا مخالف لهم من الصحابة ولا من التابعين في ما علمته إلا اختلافهم في صفة شبه العمد وعلى ذلك جمهور الفقهاء وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وقال الأشجعي عن الثوري شبه العمد أن يضربه بعصا أو بحجر أو ببندقة فيموت ففيه الدية مغلظة ولا قود والعمد ما كان بسلاح وفيه القود قال والنفس تكون فيها العمد وشبه العمد والخطأ ولا يكون في الجراحات إلا خطأ أو عمد وقال أبو نعيم الفضل بن دكين عن الثوري قال إذا أخذا عودا أو عظما فجرح به بطن إنسان فمات فهذا شبه عمد ليس فيه قود وقال الأوزاعي في شبه العمد هو أن يضربه بعصا أو بسقط ضربة واحدة فيموت منها فتكون الدية في ماله فإن لم يكن له مال فعلى العاقلة قال وإن ثنى بالعصا ثم مات مكانه من الضربة الثانية فعليه القصاص فإن لم يمت من الضربة الثانية مكانه ثم مات فهو شبه العمد لا قصاص فيه وفيه الدية على الجاني قال والخطأ على العاقلة. وقال أبو حنيفة شبه العمده كل ما عدا الحديد أو ليطة القصب أو النار قال فإن قتله بحديدة أو ليطة قصب أو بالنار فهو عمد وفيه القصاص وما سوى ذلك شبه العمد وفيه الدية مغلظة على العاقلة وعليه الكفارة وليس التغليظ عنده إلا في أسنان الإبل خاصة دون عددها وقد تقدم مذهبه في دية شبه العمد في باب دية العمد إذا قبلت وليس فيما دون النفس عنده شبه عمد وبأي شيء ضربه فجرحه ولم يقتله فعليه القصاص إذا أمكن فإن لم يمكن ففيه الدية مغلظة إذا كانت من الإبل تسقط ما يجب وقال أبو يوسف ومحمد شبه العمد ما لا يقتل مثله كاللطمة الواحدة والضربة الواحدة بالسوط (قالا) ولو ذلك حتى صارت جملته ما يقتل كان عمدا وفيه القصاص بالسيف قالا وكذلك إذا عرفه بحيث لا يمكنه الخلاص منه وهو قول عثمان البتي إلا أن البتي يجعل دية شبه العمد في ماله وقال بن شبرمة ما كان من شبه العمد فإنه عليه في ماله يبدأ بماله فيؤخذ حتى لا يترك شيء فإن لم يتم ذلك كان ما بقي من الدية على عاقلته. وقال الشافعي شبه العمد ما كان عمدا في الضرب خطأ في القتل وذلك مثل أن يضربه بعصا أو عمود خفيف أو بحجر لا يشرخ مثله أو بحد سيف لم يجرحه به وألقاه في نهر أو بحر قريب من البره وهو يحسن العوم أو ما الأغلب عليه أنه لا يموت من مثله فمات ففيه الدية مغلظة على العاقلة. وقال أحمد بن حنبل دية شبه العمد على العاقلة في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها وكذلك قال أبو ثور وقد ذكرنا أقوالهم ومذاهبهم في أسنان الإبل وفي دية شبه العمد في باب دية العمد إذا قبلت والحمد لله كثيرا. وأما قول مالك فقتل العمد عندنا أن يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيض نفسه فهذا ما لا خلاف بين العلماء فيه. وأما قوله ومن العمد أيضا أن يضرب الرجل في النائرة تكون بينهما ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه فيموت فتكون في ذلك القسامة فهذه من مسائل القسامة وتأتي في موضعها إن شاء الله قال مالك الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال الأحرار بالرجل الحر الواحد والنساء بالمرأة كذلك والعبيد بالعبد كذلك قال أبو عمر قد مضت هذه المسألة في صدر باب ما جاء في الغيلة والسحر وقد مضى هنالك ما للعلماء من التنازع فيها والحمد لله كثيرا.
|